مختارات من ديوان شعر (القرية التي كنا فيها) للأستاذ: محمد ياسين صالح

بسم الله الرحمن الرحيم

أَبْدَأُ بِالْحَمْدِ مُبَسْمِلًا مُصَلْ * لِيًا عَلَى النَّبِــي وَمَنْ تَـلَا

وَآلِهِ وَصَحْبِــهِ الْغُـرِّ الْكِـرَا * مِ كُلِّهِمْ بِحُبِّهِمْ أَعْلُو العُلَا

وبعد:

فقد جمعت في نظمي السابق ما أردته أن يكون تقدمةَ كلِّ مقال لي، فالحمد لله على نعمة اللغة، والحمد لله الذي مكنني من حمده، ويحضرني قول أحد العقلاء الحصفاء الشعراء:

وعــذرا منــك يا ربي لحــــــالي
فقد أكثرت من مدح الرجــــــال
ولم أمدحك يا ربي بشعـــــــري
فيــا أسفــى لأيــام خوالـــــــــي
وهل قول يزيــن بلا مديـــــــح
وحمـــد للمهيمن ذي الجـــــــلال
لمــن فيه الكــلام يصيــــــر درا
وفي الوجدان كالسحر الحــلال
ومن وهب الهبــات بلا مــــلال
وأعطى الأعطيات على التوالي

إلى آخر القصيدة، وهي قصيدة مذ طرقت سمعي بصوت الشيخ ظغر النتيفات وقرت في قلبي، فصارت إحدى معشوقاتي من القصائد، ومع أن صوت السيخ ظفر قد لا يبدو مذهلا جدا أو رائعا جدا إلا أن طريقته تعجبني للغاية، كثيرا ما أستشعر في نغمته ونبرته وصوته الصدق والصراحة، لا سيما أن أغلب ما سجله من الأناشيد والقصائد ديني.

والقصيدة مطلعها

“ضلال ما رأيت من الضلال … خواء القلب من ذكر المآل”

ولن أطيل في ذكر مكانتها في قلبي، وروعتها و و و ….، بل أواصل كلامي فأقول: لقد أطلت كعادتي متجاهلا المقصود، لكن أثوب إلى رشدي وأبدأ ما نحن بصدده بإذن الله “القرية التي كنا فيها” ديوان شعر للأستاذ محمد ياسين صالح، وهذا الديوان منشور حديثا، لا يتعدى عمره منشورا خماسية من السنين، وراع وقت نشري المقال إن كنت ممن أتى مستقبلا فأنا الآن في السابع عشر من أبريل عام أربعة وعشرين بعد ألفيتين ميلاديتين.

تعرفت على الأستاذ محمد ياسين صالح عن طريق إحدى المقاطع التي اعترضتني وأنا أتصفح اليوتيوب حسبما أذكر، ولأنه من عادتي تتبع بعض الأشعار والقصائد والأدبيات؛ فقد قام اليوتيوب مشكورا -لا أمزح، وما الضير في تعريفه لي على هذا الأديب المذهل😅؟!- بعرض مقطع له في اقتراحاته، ولم أخيب ظنه فطالعته، وكان ذلك في برنامج فصاحة، والذي هو عبارة عن مسابقة بين بعض من تقدموا لاجتياز اختبارات متنوعة في الفصاحة والتعبير والبيان من شتى دول العالم العربي فقط على ما أظن، ولا شك أن هذا البرنامج برنامج رائع بمعنى الكلمة من ناحية الفكرة، فأي شيء فيه ولو بعض إفادة ينشر على القنوات خير مما لا فائدة فيه أو فيه ضرر أصلا، ولكن ليس هذا هو المهم، فقد اكتنفت هذه المسابقة بعض المخالفات المؤسفة من إبراز نساء لا سيما أن منهم من كانت بغير حجاب، لذا فما استمعت إليه من البرنامج فقد حملته صوتيا فقط والحمد لله.

ومن رغب في الاطلاع على هذا البرنامج فأنصحه بذلك، مع مراعاة البعد عن الفتن قدر المستطاع، فيخفض صوت الموسيقى حين تعترض مشاهدته، والأفضل أن يكتفي بالسماع، فالمشاهدة ليست مهمة بهذا القدر، لكن إن شاهد فليشاهد الرجال، وأذكر بأن البرنامج والمسابقة لم تتكرر حسب علمي، وهذا أمر مؤسف حقا، ومما يجدر ذكره أن مجموع جوائز المسابقة كانت ألف ألف -مليون- ريال قطري إن لم تخني الذاكرة، لأنها كانت على تلفاز قطر وفي الدوحة أصلا، هنيئا للفائزين فما فازوا إلا عن جدارة واستحقاق بإذن الله.

إلا أنني أذكر أن الأول كان هو الأستاذ محمد ياسين صالح بعينه، أما الثاني فقد كان ثانية وأظنها الأستاذة زينب المحمود، وهي حسبما أذكر قطرية، وأما الثالث فقد كان ثالثة أيضا -وللأسف، أين ذهب الرجال؟!🥺- وهي تونسية حسبما أذكر أيضا.

وبما أن الشبكة ليست متوفرة لدي الآن، فقد انتهت باقتي وأنا أتريث في النشر -بل أنا مجبور على ذلك في الواقع- منتظرا تجديد الباقة لأن سعر الشحن مختلف في المحلات هنا، فمنهم صالون ومنهم من هو دون ذلك، فيزيد في العشرة جنيهات جنيها تقريبا، وحين تعلم أن الفارق يصير ثلاثين جنيها مصريا تقريبا -وهذا حسب متوسط سعر الدولار بين البنك والسوق السوداء قريب من نصف دولار أو ستين سنتا- تفهم لِمَ ترغمني نزعة التوفير المتأججة في أعماقي على انتظار شحن الرصيد من ذلك المحل المحترم.

والتوفير متأصل لدي في كل ما أرى أنني عنه غني أو يمكنني التوفير فيه، وليس هذا مرتبطا بشح الموارد دائما، فأنا كثيرا ما أكون في سعة ورغد والحمد لله ومع ذلك أتحرى التوفير قدر الاستطاعة، ولست أراه بخلا ولله الحمد، فحين يتطلب الأمر فإني لا أرحم النقود، وهذا مما لا يعلمه الكثيرون عني.

عموما، حين شاهدت ذلك الأديب الشاب أذهلني وجود مثله في عصرنا متأخرا، لا سيما حين تعلم أنه قضى شطرا من حياته وإلى الآن في الغرب، ولكن ليس هذا بشيء مستنكر أيضا، كثيرون من الأدباء كان ذلك دأبهم، بل ولذا عرف كثير من الشعراء بشعراء المهجر، والمقصود بهم من تغرب عن بلاده.

لكن وفي حمأة التكنولوجيا حاليا، وتشتت الإنسان بين هذه الصواف والشواغل التافهة، يحق لي العجب من ظهور مثله، فبارك الله فيه، فصيح بليغ له من المعاني معجِب، -أظن هذه الجُمَيلة الأخيرة موزونة على بحر ما مع مد بعض الحركات- هذا مع كونه من أرض الشام سورية، لأن الشام كما لا يخفى عليكم أربع دول الآن: سورية وفلسطين والأردن ولبنان.

فكونه من بلد كذاك البلد المنكوب، ندرك صعوبة الأمر عليه، وربما كان ذلك من أسباب نبوغه، فكنا هو معروف تشكل المآسي والمصاعب دافعا قويا لسكب المشاعر مما ينتج عنه صدق في الأحاسيس، وتثور القريحة ويطغى خاطر الشعر، فإذا أسعفته اللغة وعاضده البيان أتى الإنسان حينها بالعجب، ولذا قيل: أصدق الشعر الرثاء. وهذا مشاهد، فهل هناك أصدق من مراثي الخنساء أو مراثي النبي صلى الله عليه وسلم أو مرثية أبي الحسن التهامي، هذه أبرز المراثي لدي، وإلا فهناك  من المراثي الكثير جدا وهي لا تقصر عنها جمالا وبيانا كمرثية الأندلس لأبي البقاء الرندي، ومرثية أبي ذؤيب الهذلي، وما قيل في رثاء بغداد، أو مراثي صلاح الدين الأيوبي، أو مراثي عمر بن الخطاب حين رثته زوجته، وما قيل في المعتمد بن عباد من شتى شعرائه كأبي بكر بن عبد الصمد وغيره، ولو طفقت أذكر الأمثلة لما انتهيت جزما.

ويتباين تأثير تلك المراثي بل والشعر والأدب عموما في نفس الإنسان بحسب ما اكتنف العمل الأدبي من الظروف والأحوال، مراثي المعتمد تداعب وترا حساسا في النفس، وهو ما يعبر عنه  ب “عزيز قوم ذل” ومثلها مراثي الممالك والدول، كالأندلس وحواضر ما وراء النهر أيام المغول، كذا رثاء بغداد في شتى العصور بدءا مما حل بها أيام الأمين والمأمون وصولا إلى أيام المغول.

كذا من العوامل في أثر الأدب في النفس: حالُ السامع والقارئ، فإن تماثل حالك أو تقاربه مع حال من قيل فيه الشعر أو تحدث عنه العمل الأدبي أو الفني، يؤثر فيك بأن تكون أشد إحساسا، وأكثر تفاعلا، ويكون ذلك العمل أقرب إلى قلبك من سواه مما لم يشاركه في تلك المزيّة.

لذا تحاول كثير من تلك الأعمال الفنية -والتي تسمى فنا وإن كان بينهما كما بين المشارق والمغارب- اختيار موضوع أو قصة تماثل أو تقارب حال أغلب المشاهدين، بل وما يريد هؤلاء المشاهدون أن يكون هو حالهم، من الغنى والحب وبهجة الحياة والأفضل لو كان عن تحول الترح إلى فرح والفقر إلى غنى وهكذا، لأن الإنسان دائما يحب أن يتحول إلى الأفضل ماديا طبعا لأنه جاهل، فيحب أن يغذي أحلامه بمثل تلك التفاهات، والواقع أنني أيضا كذلك، أحب التفاهات للأسف😁.

والآن دعني أشكرك إن كنت وصلت إلى هذه الجملة، فأغلب ظني أنه إن قرأ قارئ ما هذا المنشور أصلا، فإنه قد غادره منذ الأسطر الأولى التي تطرقت فيها لما لا يفيده كثيرا، لكن وكما أخبرتك -ماذا؟😯 لم أخبرك؟! آه لقد نسيت أنني لم أكمل صفحة “عني وعن المدونة” بعد- حسنا إذا فأنا أخبرك الآن بأنني أحب الاستطراد والإسهاب حد الإملال للأسف.

دعنا نستأنف حديثنا عن ذلك الديوان “القرية التي كنا فيها”، موافق؟ رائع!🥳 ما أجمل أن توافق😄، أعتذر! فأنا أعلم أنني لم أدع لك مجالا للاعتراض أصلا😏.

لا بأس، المهم أن ذلك الديوان مدفوع ولا يتوفر على العنكبوتية ولو مقرصنا، وذلك لحداثة نشره، وبما أنني لم أزر معرض القاهرة الدولي للكتاب آخر سنتين أو ثلاث، ولا حتى مكتبة غير دينية تقريبا، ولا يخطر ببالي زيارتها لأنني أحاول قدر المستطاع ألا أشتري من الكتب إلا ما أراه ضروري الامتلاك ورقيا، فإنني أحاول غالبا قراءة الكتب إلكترونيا، وما هو متوفر منها كاف بالنسبة لي والحمد لله في أغلب المواضيع.

الشاهد مما مضى أنني مذ تعرفت على محمد ياسين صالح حاولت التواصل معه مهنئا متعرف راجيا الاستفادة، فبحثا عن اسمه طبعا رغبة في الاستزادة معلوماتيا، فلم أجد كثير ذكر سوى قناته على اليوتيوب، والمقاطع التي تذكر مشاركته في مسابقة فصاحة، والمواقع التي تبيع كتابه، ولم أجد وسيلة تواصل بتاتا.

من هنا عرفت وجود شيء يسمى ديوان “القرية التي كنا فيها”.

ثم وإنني كثيرا ما كنت أبحث عن كتب حديثة النشر فأجدها مدفوعة أو على منصة أبجد بالطبع، لكن أسعارها ارتفعت كثيرا، وكما أخبرتك لدي اكتفاء بالمحتوى المجاني، ولا سيما أنني لست في بحبوحة تيسر لي إهدار مبلغ كهذا المبلغ الذي يطلبونه، لأنه ومن المفهوم أنه كثيرا ما قد تنسى أو تشغل عن القراءة لا سيما وجود مشاكل وسياسات كثيرة لم تعجبني إطلاقا لديهم.

من أبرز تلك المشاكل في نظري، عدم إمكانية تكبير الصفحة، بل أظن أن المتاح تكبير الخط فقط كبعض صيغ كتب كيندل، وبالنسبة لي هذا أمر مزعج، لأنه من المعلوم لدي أن هناك برامج تنسيقات خاصة بالكتب، وهي مدفوعة وما إلى ذلك، وهذا يدل ووضوح أن التنسيق له فائدة وأي فائدة، ويكفيك أن تطالع مستند وورد ومستندا آخر لكتاب منسق إلكترونيا من تلك الكتب المطبوعة لتدرك الفرق بينهما.

ومن أهم العيوب غلاء الاشتراك، فما ضرهم لو أرخصوه، كثرة العملاء خير من قلتهم، لأن القليل قد ينفض عنك لأي سبب، والأهم أن الكثرة لا تفرق لديهم، فالمستند واحد وليس يكلفهم كثرة العملاء شيئا سوى زيادة بعض الخوادم وما إلى ذلك من التقنيات التي تيسر الوصول لعدد كبير بلا تعليق وفشل في التحميل.

إلى غير ذلك من تلك التعقيدات المختلفة، لكن حين علمت أن هناك فترة تجربة مجانية قدرها أسبوع واحد قررت تجربته، وكانت لدي بعض الكتب التي أود مطالعتها بالفعل، ومنها هذا الديوان.

فقرأته فأعجبني غالبه، لأنني طبعا أدرك أنه لمعاصر، لا لامرئ القيس وأضرابه، فضلا عن أنه تعجبني بساطة اللغة عند المعاصرين والمتأخرين غالبا، فلغة حافظ إبراهيم وشوقي وأمثالهم وهم كثير ممن تأخر عصرهم يسهلونها لتناسب عصرهم، ولا شك أنهم لا يدانون كبار الشعراء الأولين قدرا، لكن هذا لا ينفي أنهم لو أرادوا التقعر والتكلف في اللغة لفعلوه.

وقمت حينها بنسخ قصائد أعجبتني ولكن كان ذلك صعبا، فسياسة أبجد تسمح باقتباس عدد معين من الحروف أو الكلمات لنشرها على مواقع التواصل وما إلى ذلك ترويجا لهم طبعا، كذلك يلحقون بها جملة دعاية للتطبيق، فكان نسخ القصيدة الواحدة على عدة مراحل مع مسح تلك الجملة الدعائية مع تركها آخر القصيدة فقط، احتراما لهم، ولم أشاركها إلا مع صديق واحد أو اثنين أو ربما ثلاثة أو لعلهم أربعة، لا أذكر صراحة لكنهم قليل، والسبب أن القصيدة كانت عن الأصحاب، واحتفظت بالقصائد الثلاث التي أعجبتني نسختها ولم أشاركها مع أحد، ولم أجد لذلك داعيا أصلا.

ودافع احتياطي وغير ذلك ديني أخلاقي، وإلا فما قد تفعله أبجد، لا يمكنهم لا إيجادي ولا غير ذلك، كما أن التنصل سهل، ولست أظنهم متفرغين لتتبع مثل هذه الأمور البسيطة، حتى لو سرق أحدهم كتابا كاملا فلا أظنهم يأبهون لذلك كثيرا، لأن الربح من ذلك محدود، ومن قد يشتري منك كتابا إلكترونيا بلا وثيقة وتحقق، أما لو بعته على موقع فيمكنهم حينها تتبعك ومقاضاتك أو غلق الموقع وما إلى ذلك، أما إن نشرتها مجانا فأظن أن الموضوع لن ينتشر إلا لو كان كتابا مشهورا أو كانت كتبا كثيرة، وحينها سيصعب عليهم إثبات أن هذا منهم أصلا، ولكن قد تقاضيك دور النشر ولكن أظن أنه من الصعب معرفة من بدأ سلسلة النشر لا سيما إن كان مجهولا متعمدا التخفي.

ولست أسخر من أحد ولا أشجع أحدا على شيء، فمهما كان الأمر إن كان هناك من له مأرب فإنه يشتري الكتاب ولو ورقيا ويكتبه إلكترونيا، فالأمر لا يحتاج إلى توضيح، لكن النسخ مع صعوبته قد يكون أسهل، لكن لا، إن كنت تجيد الكتابة على الكيبورد كمحترف النسخ أصعب، تنسخ ثم تمسح الدعاية وتتنقل بين البرامج والتطبيقات، هذا أمر ممل.

وكما ذكرت أغلب الكتب التي أراد أحد نشرها بطريقة غير قانونية فقد فعل ذلك، وليس الأمر أن هناك مصاعب وإنما لا أحد يريد نشر كتاب ما لذا لا تجده، وربما هناك قنوات في تطبيقات يصعد رصدها كالتليجرام وغيره، مدفوعة أو غير مدفوعة تنشر فيها الكتب بطريقة أكثر توسعا.

وأغلب الكتب التي قرأتها أظن أنها منتهكة الحقوق، لكن مما يراعى أنها كثيرا ما تكون قديمة الطبع ولو نسبيا، فربما كان الأمر أسهل أو تذرعوا بالمشاع الإبداعي ونحوه.

وكما هو واضح فقد أطنبت واسترسلت حتى مملت أنا نفسي أصلا، لذا أعتذر مجددا😞.

نسيت أن أقول شيئا، أظن أنه وبما أنني حافظت على دعايتهم، فالأمر لا يعدو تغريدات أو اقتباسات متعددة مجموع بعضها إلى بعض، فهذا يسهل موقفي إن كانت هناك مشاكل، مع أنني لا أتوقع أي مشكلة بإذن الله، بل إن هذه دعاية لهم، ومشاركاتي لها لإعجابي بها لا لأنني أرجو شهرة أو أبغي لها تهريبا.

عموما، بل أخيرا، هاك قصيدة له، لهذا الأديب الرائع الذي أسأل الله له البركة والزيادة والنفع والأجر في الدارين والحفظ من كل مكروه وسوء في الدين أو الدنيا، وهي بعنوان

(عن الأصحاب حدِّث يا زماني)


عن الأصحاب حدّث يا زماني

وخذ معناك من أقصى المعاني

عن الدنيا وما فيها وعنّي

وعن ثقة الأعنّة بالحصان

وعن خوف الطُّموح من التردي

وعن شوق المحبّ إلى التداني

ورثتُ الطيب من عرقٍ مثنّى

حويتُ فروعه حتى احتواني

‫ وسرتُ إلى الفلاح بغير هديٍ

‫ فأسفر مقصدي حتى هداني

‫ ودان لي الزمانُ بكل شيءٍ

‫ وبالكأس التي راقت سقاني

‫ ولكنّ الزمان له صروفٌ

‫ إذا وجبتْ عصاني وابتلاني

عرفتُ الدهر في حاليه حتى

‫ تلقيتُ التعازي والتهاني

‫ وصرت أناشد الدنيا صديقا

كندماني جذيمة في الزمان

أنا المحسود بالأصحاب قِدما

كما حُسِد الفصيح على البيانِ

تصدّع مَن كويتُ له جراحا

ولما دارت الدنيا كواني

كواني بالمواقف والتردي

ولم يرع التذمم بالخوانِ

وآخرُ دونه قد كان مني

بمنزلة الفؤاد من المحاني

محضت نداءه سمع الملبّي

فلما شال ميزاني جفاني

وكنت إذا لقيتهما كأنّي

وقعتُ على كثيب من جُمانِ

طليق الوجه بسام المحيّا

أسوق قراهما قبل الأوانِ

فلما ولّت الدنيا دبورا

قصدتهما فلم أعرف مكاني

على هذا التجهّم والتجافي

‫ وذاك، الحاجبان العاقدان

‫ أنفتُ من التعتّب والتشكي

وقلبي عن وصالهما نهاني

وقلت لعل في الأحداث خيرا

وبعد الصبر تحقيق الأماني

فلما دارت الدنيا وعادت

مسالمةً كزهر البيلسانِ

ومال الوقت نحوي كلّ ميلٍ

كغانية تلاعبها الأغاني

وأمطرت السحابة واستهلت

أتاني واحدٌ وارتاب ثانِ

أتى من ليس يخجل ان أراهُ

وغاب من استحى من أن يراني

ولكن ما استحى من قول زورٍ

وبالقول الذي يبري براني

وكان على صنيعهما حيائي

يمانع أن أبادل بالشنانِ

معاذ اللّٰه أن أقتصّ لؤما

‫ وأن أرجو العلوّ من الهوانِ

‫ وأن أدعو من الدنيا صديقا

‫ إذا اشتدّت سواعده رماني

‫ ولو قيل التغاضي قلت حقا

فلا عودٌ يفوح بلا دخانِ ‫

ولكني تركت دخانَ رمثٍ

وجئت إلى دخان الزعفرانِ

إلى من ليس يفجر في خصامٍ

وليس يهاب وقفة الامتحانِ ‫

يقول إذا استشاط الخطبُ أبشر

وليس يقول ما قال اللذانِ ‫

يسوق الأحمرين بلا حسابٍ

‫ إذا ما شحّ فينا الأحمرانِ

‫ فإن أعددتَه أعددتَ سيفا

‫ كبيض الهند أو حمر اليمانِ

‫ فداه الآنفان وليس براً

‫ به قولي فداه الآنفانِ

‫ فإن يرضيه قلت فداه نفسي

ولو أرضاه شعري وامتناني


‏اقرأ الكتاب على @abjjad عبر الرابط:‏https://www.abjjad.com/book/2794487826?utm_source=copy&utm_medium=social_android&utm_campaign=share

#أبجد
#القرية_التي_كنا_فيها

وكما ترون، المعاني جميلة، كسيت من اللفظ سهلا غير متناه في الصعوبة، فتبدت في حلة قشيبة لها رونق مليح.

وللأسف لم يتيسر لي تشكيلها كلها بما فيها من نقل همزات أحيانا وغير ذلك، لصعوبته وتعسره، لذا دعني أسألك أيها القارئ عدة أسئلة، لكن قبل أن أشرع في استجوابك😂 دعني أخبرك شيئا:

كما ترى، فهذه أول مقالة مصنفة تحت تصنيف “قصائد شعرية” وإن كنت أرجح أنني سأضيفها أيضا بإذن الله إلى تصنيف آخر جديد وهو “كتب أعجبتني” هذا إن رأى النورأصلا.

المهم أنني قد حددت ما سأتكلم عنه، لذا فقد كانت كثير من تصنيفات موجودة أول إطلاقي المدونة، مع أنه لا توجد مقالات بعد.

وسأضيف بإذن الله تصنيفات مزمعة وأخرى قد تخطر على بالي في أي وقت، منها ما يعتبر مندرجا تحت يومياتي أو وخواطري لكنها لأهميتها أجعلها مستقلة بإذن الله، كأفكاري ومعلوماتي عن بعض بلدان العالم مثلا، كدولتي الأصلية، والصين، وغيرها من دول الغرب.

وهناك تصنيفات أخرى بإذن الله، ليس الآن محل ذكرها.

المهم أنني أود أن أعرف رأيك عموما في مقالاتي، فما أفضل أن تعلق مشجعا أو منتقدا، فالنقد يزيدني خبرة ويوضح لي خللي، كذلك أخبرني هل علي أن أشكل كل القصائد مع صعوبة ذلك واستغراقه وقتا طويلا لدرجة لا تصدق، مما قد يقلل وتيرة نشري مقالاتي عن الشعر، أم أكتفي بتشكيل ما أراه مهما، كذلك الشرح، هل يجدر بي حقا نشر شرح مفصل، ولكن ذلك قد يستغرق كتابا، أم أشرح أو على الأصح أشير إلى بعض ما أراه مهما أو جديرا بالذكر من المعاني، أو تكون هناك صفحات ومقالات خارجية شرحتها فعندئذ أحيل إليها؟!.

كل هذه أسئلة تدور في ذهني، فأرجو أن لا تبخل علي بالإجابة.

وأرى أنني نشط هذه الأيام في كتابة المقالات، فقد كتبت في ثلاثة أيام متوالية مقالات ثلاثة طويلة -إلا أن مقال الأمس ليس لدي رصيد لأنشره، ربما أشحن اليوم فأنشره أيضا- يربو نتاجي في كل منها على الألفي كلمة على ما أظن تقريبا، ولكن لأنني اقتبست في بعضها فقد صار مقال الأمس “واحتقرت نفسي” يربو على الخمسة آلاف، ولكن لا تغرنك كثرة الكلمات، فكل ما أكتبه من ذاكرتي وخواطري، فليست هناك معلومات كثيرة تعبت في البحث عنها، ولم أهتم بموافقة المقالات لشروط محركات البحث، ولم أبذل جهودا كثيرة عموما، اللهم إلا أن وخواطري نتاج قراءة وبحث من قبل، فكل مقالاتي من الذاكرة والحمد لله.

وربما أهتم قليلا بإجراء بعض التحققات من المعلومات المهمة كمقالات التاريخ مستقبلا، حفاظا على النزاهة والأمانة، لأنك لا تدري ما قد يكتنف ذاكرتك من النسيان، فربما تظن الأمر على وجه فتجده على وجه غير ما ظننته وإن كنت تحسب نفسك متأكدا، وهذا أعلمه عن تجربة.

لذا، أود أن أقول أن نتاجي مع ذلك قليل، فأنا لا أكتب إلا بعد أن أسأم ما في الهاتف، فلو كان لدي نصف ساعة بل ساعة فقط لما كتبت شيئا غالبا، فأنا أولا أشبع من القراءة ثم الاستماع ثم المشاهدة لبعض الدروس أو غيرها، وكل ذلك محمل على هاتفي، ثم بعض الأفكار وبعض التطبيقات المختلفة، فإذا سئمت فتحت المحرر ورحت أسكب ما فاضت له النفس الملولة، وربما أسترسل حينها فأكتب حوالي ساعتين، ثم أمل فأقول لك: هنا الختام.

وقد شارفت الساعتين إلا ثلثا حسب ساعتي البيولوجية الدقيقة طبعا😅، لذا أود أن أنوه أنني تعبت من تضييع الوقت على الهاتف، وربما أكتفي لسبعة أيام قادمة بكتابة بضعة آلاف من الكلمات في تلك الصفحة التي لا أدري متى سأكملها أصلا، فتقديري قرابة الأسبوعين، وإن كنت تتساءل أي صفحة، فهي صفحة “عني وعن المدونة”.

لذا، أستودعك الله، بتّ وبات أهلك في رعاية الله وحفظه، ورزقت الجنان فردوسها، ولا تنس دعاء وذكر انتهاء المجلس احتياطا “سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك”.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


اكتشاف المزيد من شذا العصور (مدونة منذر البشري)

اشترك للحصول على أحدث التدوينات في بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا أنا، منذر البشري، أرحب بك في مدونتي، هنا نطوف معا ونجول في طرقات تلك المدينة الهائلة، مدينة العصور الثلاثة، القديمة والحاضرة والمستقبلية، لدي الكثير مما أخبرك عنه وأشاركه معك، فهل تمانع لو دمجت مع التاريخ والأحداث والوقائع بعضا من يومياتي وخواطري ورُؤاي، امم🧐، لم أسمع اعتراضا👂، أظنك وافقت!😀 نعم، بافتراض أنك موافق؛ لِنمضِ قدما!

إن أردت أن تتواصل معي؛ فحيهلا بك😄

هنا أحدث مشاركاتي بإذن الله

اكتشاف المزيد من شذا العصور (مدونة منذر البشري)

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

مواصلة القراءة

تصميم موقع كهذا باستخدام ووردبريس.كوم
ابدأ